فوائد الثوم في خفض ضغط الدم

هل الثوم يخفض ضغط الدم؟

لطالما كان للثوم مكانة مميزة في الطب الشعبي والتقاليد العلاجية حول العالم. ويعد الثوم من النباتات التي استخدمها الإنسان منذ العصور القديمة في العديد من الحضارات لعلاج العديد من الأمراض، بما في ذلك الأمراض القلبية والوعائية. يعتبر الثوم مصدرًا غنيًا بالعناصر الغذائية المفيدة، وهو معروف بخصائصه الصحية المذهلة، التي تشمل تقوية جهاز المناعة، ومحاربة الالتهابات، والوقاية من السرطان، وتخفيض مستوى الكولسترول، وتحسين صحة القلب. ولكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون هو: هل الثوم يخفض ضغط الدم؟

في هذا المقال، سوف نستعرض الأدلة العلمية والبحوث الحديثة التي تدور حول تأثير الثوم في خفض ضغط الدم، وكذلك كيفية استخدامه بشكل فعال للحصول على أفضل النتائج الصحية.

تكوين الثوم وأثره على الصحة

يتكون الثوم من مجموعة من المركبات الكيميائية الحيوية الفعالة التي تسهم في تأثيراته العلاجية. من بين هذه المركبات الكبريتية، يُعتبر “الأليسين” (Allicin) من أبرز المركبات التي تساهم في فوائد الثوم الصحية. يتم إطلاق الأليسين عند تقطيع أو سحق فصوص الثوم، ويعتبر من المواد النشطة بيولوجيًا التي لها تأثير قوي في الجسم، بما في ذلك قدرته على تحسين الدورة الدموية وخفض مستويات الضغط الدموي.

الدراسات العلمية حول تأثير الثوم على ضغط الدم

الدراسات الأولية

بدأت الدراسات التي تربط بين الثوم وضغط الدم منذ عدة عقود، وتعددت الأبحاث حول هذا الموضوع. في دراسة أولية أجراها باحثون في عام 1993، تم إعطاء 12 شخصًا مصابًا بارتفاع ضغط الدم مكملات الثوم لمدة 12 أسبوعًا. أظهرت النتائج انخفاضًا ملحوظًا في ضغط الدم الانقباضي والانبساطي، مما يشير إلى أن الثوم يمكن أن يلعب دورًا في التحكم في ضغط الدم.

تأثير الثوم على ضغط الدم لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم

إحدى الدراسات الكبرى التي أجريت في عام 2013 شملت 87 شخصًا يعانون من ارتفاع ضغط الدم. تم إعطاؤهم مكملات تحتوي على 600 إلى 900 ملغ من مستخلص الثوم يوميًا لمدة 12 أسبوعًا. أظهرت الدراسة أن تناول الثوم كان له تأثير إيجابي في خفض ضغط الدم، وخاصة ضغط الدم الانبساطي (الضغط عند ارتخاء القلب بين النبضات).

أما في دراسة أخرى نشرت في مجلة “المراجعات العلمية للأغذية” (2015)، فتم تحليل مجموعة من الدراسات السريرية التي فحصت تأثير الثوم على ضغط الدم. وقد أظهرت هذه المراجعة أن مكملات الثوم يمكن أن تؤدي إلى انخفاض ملحوظ في ضغط الدم لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم الخفيف إلى المتوسط.

تأثير الثوم على ضغط الدم لدى الأشخاص الأصحاء

لم تقتصر الدراسات على الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم، بل تناولت أيضًا الأشخاص الأصحاء. في إحدى الدراسات الحديثة، التي أُجريت على مجموعة من البالغين الأصحاء، تم إعطاء المشاركين مكملات الثوم لمدة 8 أسابيع. أظهرت الدراسة تحسنًا طفيفًا في مستويات ضغط الدم بين المشاركين الذين تناولوا الثوم مقارنة مع أولئك الذين تناولوا دواء وهمي. إلا أن هذه النتائج لم تكن كبيرة بالقدر الكافي لتأكيد فعالية الثوم في ضغط الدم عند الأشخاص الأصحاء.

آلية عمل الثوم في خفض ضغط الدم

يعتقد العلماء أن الثوم يساعد في خفض ضغط الدم من خلال عدة آليات، أبرزها:

1. تعزيز إنتاج أكسيد النيتريك: أكسيد النيتريك هو مركب غازي يساعد في توسيع الأوعية الدموية، مما يعزز تدفق الدم ويقلل من الضغط الواقع على جدران الأوعية. تشير الأبحاث إلى أن الأليسين الموجود في الثوم يمكن أن يزيد من إنتاج أكسيد النيتريك في الجسم، مما يساهم في تحسين الدورة الدموية وخفض ضغط الدم.

2. خفض مستويات الكولسترول: يمكن للثوم أن يساعد في تقليل مستويات الكولسترول الضار (LDL) في الدم. بفضل هذه الخاصية، يمكن للثوم أن يقلل من التراكمات الدهنية في الأوعية الدموية، مما يعزز الصحة القلبية ويقلل من ضغط الدم.

3. تحسين وظيفة الأوعية الدموية: الثوم يعمل على تعزيز مرونة الأوعية الدموية، وبالتالي فإنه يساعد في تحسين تدفق الدم. هذا يعنى أن الدم يمكن أن يتحرك بسهولة أكبر في الأوعية، مما يقلل الضغط.

4. التأثير المضاد للالتهابات: يمكن أن يساعد الثوم في تقليل التهابات الأوعية الدموية، التي قد تساهم في ارتفاع ضغط الدم.

كيفية استخدام الثوم للتمتع بفوائده الصحية

يمكن الحصول على فوائد الثوم الصحية بعدة طرق. لكن الطريقة المثلى لاستخدام الثوم في خفض ضغط الدم تشمل:

1. الثوم الطازج: يعتبر الثوم الطازج هو الخيار الأفضل للحصول على الفوائد الصحية. يمكن تناوله عن طريق فرمه أو تقطيعه لزيادة تحرير الأليسين. يفضل تناول الثوم الخام أو طهيه بأدنى درجة حرارة لكي لا يتفكك الأليسين.

2. مكملات الثوم: إذا كنت لا تستطيع تناول الثوم الطازج بسبب رائحته أو لعدم توافره بشكل دائم، يمكن استخدام مكملات الثوم التي تحتوي على مستخلص الثوم. يفضل دائمًا استشارة الطبيب قبل البدء في تناول المكملات.

3. الثوم في الطعام: يمكن إضافة الثوم إلى الطعام بشكل منتظم. يفضل استخدام الثوم في الطهي مع الأطعمة مثل الحساء، والصلصات، والسلطات.

4. زيت الثوم: يستخدم زيت الثوم أيضًا كمكمل غذائي. يمكن أن يساعد زيت الثوم في خفض ضغط الدم عند تناوله بانتظام، لكنه يظل أقل فعالية من الثوم الطازج في تحرير الأليسين.

الجرعات الموصى بها

من الناحية العلمية، لا توجد جرعة ثابتة من الثوم التي يتفق عليها الجميع. لكن الدراسات المختلفة تشير إلى أن الجرعة المثلى من الثوم لتحسين ضغط الدم تتراوح عادة بين 600 إلى 900 ملغ من مستخلص الثوم يوميًا. قد تختلف الجرعات وفقًا لحالة الشخص، ومدى تحمل الجسم للثوم، ووجود أي أمراض أخرى. لذلك، من الأفضل استشارة الطبيب قبل البدء في تناول كميات كبيرة من الثوم أو مكملاته.

الآثار الجانبية للثوم

بينما يعتبر الثوم آمنًا بشكل عام عند تناوله بكميات معتدلة، إلا أن بعض الأشخاص قد يعانون من آثار جانبية. قد تشمل هذه الآثار:

• رائحة الفم الكريهة: الثوم غني بمركبات الكبريت التي يمكن أن تترك رائحة قوية في الفم.

• اضطرابات في المعدة: تناول كميات كبيرة من الثوم قد يسبب بعض المشاكل في الجهاز الهضمي، مثل الحموضة أو الغازات.

• تفاعل مع الأدوية: الثوم قد يتفاعل مع بعض الأدوية، خاصةً أدوية سيولة الدم، مما يزيد من خطر النزيف. لذا يجب على الأشخاص الذين يتناولون أدوية مثل الأسبرين أو الوارفارين استشارة الطبيب قبل تناول كميات كبيرة من الثوم.

الخلاصة

الثوم يعد من العلاجات الطبيعية الواعدة في تقليل ضغط الدم، حيث أظهرت العديد من الدراسات السريرية أنه يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في تقليل مستويات ضغط الدم لدى الأفراد الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم. ومع ذلك، يجب على الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية معينة أو الذين يتناولون أدوية معينة استشارة الطبيب قبل استخدامه بشكل مفرط.

إن تضمين الثوم في النظام الغذائي كجزء من نمط حياة صحي يمكن أن يكون له فوائد ملموسة ليس فقط لخفض ضغط الدم، ولكن أيضًا لتعزيز صحة القلب والأوعية الدموية بشكل عام.